نبض تونس: أهم الاستنتاجات من استطلاع الدورة السادسة 2020-2021

لم تكن أحداث يوليو/تموز 2021 السياسية في تونس غير متوقعة تماماً، نظراً للتحديات الجارية التي تعاني منها البلاد على عدة جبهات. فالأوضاع الاقتصادية المتدهورة، مقترنة بارتفاع معدل الوفيات من جائحة كوفيد، بلورت إخفاق المنظومة السياسية في التصدي للمشكلات الأساسية التي تواجه المواطن التونسي. ولقد أدى الإخفاق في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة على مدار العقد الماضي، إلى موقف احتفى فيه المواطن التونسي بالتغير الكبير في النظام السياسي.

أظهرت استطلاعات الباروميتر العربي مدى إحساس التونسيين بالإحباط من أداء الحكومة. على مدار ثلاثة استطلاعات أجريناها بين يوليو/تموز 2020 ومارس/آذار 2021، كان التوجه السلبي المطرد واضحاً. في الصيف الماضي، قبل تعرض تونس لارتفاع عدد حالات كوفيد، كان المواطنون راضين بدرجة نسبية على تعامل الحكومة مع الأزمة. لقد كان الأداء الحكومي في هذا الملف قوياً بدرجة ما، لا سيما مقارنة بانتشار الوباء على نطاق واسع في عدة دول، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وإسبانيا، في ذلك التوقيت.

لكن مع وصول الموجتين الأولى والثانية من الجائحة إلى تونس، بدأ المواطنون يفقدون الثقة في الحكومة وفي قدرتها على إدارة أزمة الصحة العامة. تراجعت الآراء في قدرة الحكومة على التعامل مع الأزمة بواقع 34 نقطة مئوية بين يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول 2020، ثم بدأت تصعد قليلاً مؤخراً، بحلول مارس/آذار 2021، قبل بدء أكبر موجة عدوى تصيب تونس حتى الآن. المؤكد أن معدلات الثقة في تعامل الحكومة مع الأزمة تراجعت بعد ذلك الاستطلاع الأخير.

يتضح من الاستطلاعات أن المواطن التونسي قلق للغاية من انتشار كوفيد، لكنه لم يكن شاغله الأول خلال العام الماضي. لم يظهر في أي من الاستطلاعات الثلاثة أن القلق إزاء كوفيد يتعدى مستوى القلق إزاء الوضع الاقتصادي. في أكتوبر/تشرين الأول 2020 أثناء موجة من انتشار الفيروس، تساوت نسب التونسيين الذين اعتبروا كوفيد همهم الأساسي، وأولئك الذين اعتبروا أنه الاقتصاد. لكن في يوليو/تموز 2020 وأكتوبر/تشرين الأول 2021، أوضحت الاستطلاعات أن القلق من الاقتصاد يفوق كثيراً القلق إزاء كوفيد. يرجع هذا إلى أن أقل من 1 من كل 10 تونسيين يعتبرون الظرف الاقتصادي جيداً، وهو التوجه القائم منذ فترة لكنه ينحسر بدرجة قليلة، على امتداد العقد الماضي.

كما أدى تحدي كوفيد إلى تفاقم الوضع الاقتصادي. يتضح من استطلاعات الباروميتر العربي أن المواطنين يتصورون أن ثمة زيادة في اللامساواة الاقتصادية بسبب الجائحة. الأغلبية توافق على أن آثار كوفيد كانت أكبر بكثير على الفقراء وعلى الفئات المهمشة، مثل المهاجرين. بالمثل، فإن الآثار على فرص العمل تبدو أكبر على الأشخاص الأفقر مقارنة بالأكبر نصيباً من الثراء في المجتمع.

كما أثر الوضع على الآراء حول منظومتي التعليم والصحة. مع إجهاد الجائحة للمستشفيات وتأثر السنة المدرسية، أصبح المواطنون أقل إقبالاً على تصنيف أي من المنظومتين بدرجة “جيد”، في مارس/آذار 2021 مقارنة باستطلاع يوليو/تموز 2020.

وفي الوقت نفسه، فالكثير من المواطنين يحدوهم القلق إزاء عدم ضمان حقوقهم المدنية. رغم أن الدستور يكفل الحقوق الأساسية للمواطن، فإن النصف فقط قالوا إن التظاهر السلمي مكفول. جزئياً، قد يرجع هذا إلى القيود المفروضة على التجمعات والتجمهر للحد من انتشار الجائحة. لكن القمع البوليسي العنيف ضد المتظاهرين الذي بدأ قبل الجائحة له دور أيضاً على ما يبدو.

إن التعامل مع المخاوف المتعددة للمواطن التونسي أمر صعب، لكن الاستطلاعات تشير أيضاً إلى بعض التحديات التي تواجه النساء تحديداً. هناك مشكلة مزمنة لا تزال قائمة، هي ضعف المشاركة في قوة العمل للنساء في تونس وعبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل عام. تُظهر نتائج الباروميتر العربي أن المواطن التونسي يعتقد أن القيود الأكبر على دخول المرأة قوة العمل ليست قيوداً ثقافية، إنما هي نقص وسائل المواصلات وعدم توفر رعاية الأطفال وتدني الأجور نسبياً.

وفيما يخص الشأن الدولي، يحمل المواطن التونسي آراء إيجابية تجاه عدد من الدول الأجنبية، لا سيما ألمانيا والصين وتركيا. لكن من بين هؤلاء، وبناء على إجابة عدة أسئلة، يبدو أن ألمانيا هي التي حصدت الشعبية الأكبر. والآراء حول الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا أقل إيجابية، وإن كانت أكثر إيجابية من الرأي تجاه السعودية أو إيران.

كانت هذه بعض النتائج الأساسية لثلاثة استطلاعات ممثلة لمستوى الدولة أجريت عبر الهاتف، في تونس، على مدار عاميّ 2020 و2021، باستخدام الاتصال الرقمي العشوائي (RDD). بين يوليو/تموز 2020 ومارس/آذار 2021 أجرينا 3208 مقابلة مع مواطنين تونسيين لتعقب تغير تقييماتهم لظروفهم على مدار فترة الجائحة. هذه الاستطلاعات هي جزء من الدورة السادسة للباروميتر العربي، التي تم تنفيذها في سبع دول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. الدورة السادسة من البارمويتر العربي هي استطلاع الرأي الوحيد المتوفر للعموم لفهم تغير الآراء والمشاعر لدى المواطنين عبر المنطقة أثناء فترة انتشار جائحة كوفيد-19 غير المسبوقة. يمكن الاطلاع على معلومات إضافية عن الاستطلاعات عبر الروابط المتوفرة أدناه.

عن الدورة السادسة من الباروميتر العربي

كيف نفذنا الاستطلاع

بإمكانكم قراءة تقرير تونس كاملًا من هنا:

تونس - التقرير القطري 2020-2021