نساء ضحايا “جائحة الظل”… قصص تعذيب وتعنيف وحشي خلف أبواب موصدة

 غيرت جائحة كورونا منذ ظهورها مطلع عام 2020، وجه الأرض، وبدلت شكل العلاقات الانسانية. فتكت بمرضى وأصابت أصحاء. فرقت وأفقرت ونكبت عائلات. وإلى ذلك كله،  ظهرت “جائحة ظل” تهدد النساء والفتيات حول العالم.

منذ الأشهر الأولى للحجر الصحي الذي فرضته الجائحة على سكان المعمورة، بدأ يتغير سلوك الأفراد والمجتمعات، وسجل تصاعداً مقلقاً للعنف الأسري، ما يعود جزئياً إلى انقطاع أرزاق البعض أو حتى لاضطرار أفراد الأسر الى البقاء وجهاً لوجه أوقاتاً طويلة.

ومنذ بداية الجائحة، حذرت الأمينة التنفيذية لـ”الجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا” (الإسكوا) رولا دشتي من أن معدل العنف الأسري ارتفع في العالم والمنطقة العربية، نتيجة الإغلاق الشامل والتعايش القسري، وتصاعد التوترات في العائلة بسبب تفاقم انعدام الأمن الغذائي والمخاوف من الاصابة بالفيروس، مشيرة إلى صعوبة طلب الناجيات للمساعدة وتلقيها خلال هذه المرحلة الحرجة.

أما نائبة الأمين العام والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فومزيلي ملامبو نجوكا فوصفت العنف ضد النساء بـ”أحد انتهاكات حقوق الإنسان الأكثر انتشاراً وإلحاحاً وتدميراً في عالمنا اليوم”، مضيفة أن البيانات أظهرت تصاعد كل أشكال العنف ضد النساء والفتيات، ولا سيما العنف المنزلي، خلال تفشي كورونا.

وأظهر تقرير الهيئة، الذي استند إلى بيانات مستمدة من دراسة استقصائية شملت 13 بلداً، أن امرأة واحدة من أصل اثنتين أبلغت عن تعرضها، أو تعرض امرأة تعرفها، للعنف خلال كورونا. وتبين أن امرأة من كل أربعة نساء تشعر أنها أقل أماناً في المنزل، مع تصاعد النزاعات القائمة داخل العائلات.

وبعد حوالي عامين من تفشي كورونا، تتصاعد المعاناة الصامتة لملايين ضحايا العنف المحاصرات داخل منازلهن، من دون حماية أو ملجأ آمن.

سوريا

يبدو كأن الحرب السورية التي مزقت البلد وشتتت المواطنين في مختلف بلدان العالم لم تكن كافية، لتتزايد الخلافات داخل العائلة الواحدة. وأخيراً، أعادت قضية الشابة السورية آيات الرفاعي (19سنة) تركيز الضوء على أزمة النساء المعنفات في المجتمعات العربية، بعدما أدى خلاف على “مفك براغي” و”مياه ساخنة” إلى مقتلها على يد زوجها بعد تعذيبها في ليلة رأس السنة.

وصلت الرفاعي قرابة منتصف الليل جثة هامدة إلى مستشفى دمشق “المجتهد”، بعدما توقف قلبها، وكانت آثار كدمات وضربات ظاهرة  على جسدها ورأسها. وكشف والداها أن ابنتهما لطالما تعرضت للضرب المبرح، إذ كان الزوج ووالده يتناوبان على ضربها، بحجة “السعي إلى تأديبها”.

تحولت الرفاعي ضحية جديدة من ضحايا العنف ضد المرأة، في جريمة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة في مجتمع يضرب بفتياته وأحلامهن عرض الحائط.

العراق

وليس حال العراقيات أفضل. فمع تصاعد عدد الضحايا وغياب الحماية اللازمة، جدّدت نساء مناشدتهن السلطات للتدخل العاجل لوضع حد لمعاناتهن.

وانتشر مقطع فيديو أظهر بطلة ألعاب القوى العراقية سجى أحمد، تناشد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي النظر في قضيتها ومساعدتها وجدّتها، بعد تعرضها للتهديد والتخويف من قبل زوجها، العقيد في وزارة الداخلية الذي يستخدم سلطته ضدهما.

الأردن

ولم تكن الأردنية أم زيد، تعرف أن إجراءات الإغلاق وحظر التجوال التي فرضتها السلطات في آذار (مارس) 2020 بسبب الجائحة  ستتحول  18 شهراً من التعنيف والتعذيب لها داخل منزلها المتواضع في شمال شرق الأردن. ورغم الإساءات الجسدية واللفظية من زوجها، لم تتمكن من مغادرة منزلها والابلاغ عن حالتها خوفاً من فقدان حضانة أطفالها ونظرة المجتمع إليها.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين في أيلول (سبتمبر)، أن 7 من أصل 10 نساء يعتبرن أن العنف الأسري تصاعد في مجتمعاتهن منذ ظهور الجائحة.

وأكد فراس الرشيد، مدير إدارة حماية الأسرة في الأردن، أن الشرطة سجلت زيادة بنسبة 33 في المئة في تقارير العنف الأسري، بين آذار (مارس) وأيار (مايو) 2020، أي في ذروة عمليات الإغلاق، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2019.

وفي محاولة للحد من “جائحة الظل”، أنشأ الأردن وحدة خاصة تتولى هذه القضايا، وكثفت منظمات نسائية العمل على مكافحة الانتهاكات، إلا أن المبادرات بقيت محدودة، ولم تتلق التمويل الكافي.

ولفتت سلمى الشامي، المتخصصة في الأبحاث ضمن مشروع “الباروميتر العربي”، إلى أن الأعراف الأبوية والعقليات الجنسية، إلى جانب الافتقار العام للحريات السياسية، أدت إلى تطبيع العنف القائم على النوع الاجتماعي في مختلف المجتمعات، موضحة أن الأردنيين يعتبرون العنف الأسري مسألة خاصة، فيلجأ معظم الضحايا إلى الأسرة بدلاً من الشرطة أو الخدمات العامة

يمكن قراءة المقال الكامل على موقع النهار