لماذا ينتفض اللبنانيون؟

ليست ثورة “واتساب”. وليست جماهير مدفوعة من زعيم سياسي لمناكفة زعيم آخر. هذه المرة في بيروت “كلن، يعني كلن”.

يعيش اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة، تبدأ من العجز الكبير في الموازنة، وتمر بنقص العملة الأجنبية، ولا تنتهي بفرض حزمة ضرائب على الفقراء.
بغض النظر عن الأزمة الحالية، فإن 1 في المئة من سكان هذا البلد يسيطرون على 25 في المئة من إجمالي الدخل الوطني. وفي العام 2017 وحده، تركزت 20 في المئة من إجمالي الودائع المصرفية في 0.1 في المئة فقط من الحسابات.
يعكس هذا التفاوت الحاد في المدخول والمستويات المعيشية سياسات اقتصادية واجتماعية تعمل لمصلحة الكبار فحسب، الـ 1%.
وعلى الرغم من كون الحديث عن فرض ضرائب جديدة على مكالمات برنامج “واتساب” كان هو القشة التي قصمت ظهر البعير في المشهد الحالي، فإن مناقشات الحكومة في البحث عن مصادر تمويل جديدة للموازنة المالية اشتملت على ما هو أكثر من ذلك.
أولاً: اقترح وزير الاتصالات فرض الضريبة على المكالمات المستخدمة عبر تطبيق واتساب، والتي كان من المتوقع أن تحصّل ما يقدر بـ 219 مليون دولار أمريكي سنوياً. ثانياً: فرض ضريبة تقدر بـ2000 ليرة (حوالى 1.3 دولار) على كل علبة سجائر مستوردة. وضريبة 750 ليرة (نصف دولار) على كل علبة سجائر محلية. ثالثاً: زيادة الضريبة على القيمة المضافة. رابعاً: زيادة الضريبة على المحروقات والمواد البترولية.
وبرغم حديث وزير الاتصالات اللبناني محمد شقير عن التراجع عن تلك الإجراءات، ليس واضحاً إذا ما كان هذا التراجع سيصدر عنه قرار رسمي من الحكومة.

كذلك تسعى الحكومة في مشروع الموازنة للعام المقبل إلى خفض الدعم المقدم للكهرباء بما يقارب 663 مليون دولار سنوياً. وهو ما يعني إما زيادة ساعات تقنين الكهرباء التي تصل إلى 18 ساعة في بعض المناطق، أو رفع أسعار الطاقة نحو 77%، أي من 9 إلى 16 سنتاً كمعدّل وسطي لسعر مبيع كل كيلوواط/ ساعة.
وفي الأسابيع السابقة لتحرك آلاف المواطنين ضد الحكومة، تفاقمت عدة أزمات معيشية بسبب عدم توافر العملة الأجنبية، والفجوة بين السعر الرسمي والسعر الفعلي لليرة اللبنانية في مقابل الدولار الأمريكي.
وأدى اختلاف سعر الدولار في البنوك عن سعره في السوق السوداء ولدى شركات الصرافة إلى إضراب محطات الوقود وأفران الخبز عدة مرات خلال الأسابيع الماضية.
وبحسب دراسة أجراها مركز “مبادرات وقرارات” عام 2018، فإن معدل البطالة العام في لبنان وصل إلى 36% من إجمالي قوة العمل. وتفاوت هذا المعدل بحسب المناطق، ففي العاصمة بيروت بلغ 19.9% وفي كل من عكار والبقاع الشمالي 45%.
وتأتي تلك المعدلات المتزايدة مع انخفاض ثقة المجتمع بالقيادات السياسية وبوضع الاقتصاد الوطني على السواء،  بحسب ما أظهرت نتائج الشبكة البحثية المستقلة “البارومتر العربي”.
وقالت الشبكة: “اللبنانيون متشائمون إزاء الاقتصاد ومستقبل الاقتصاد، وهذا ما يدفع بالكثيرين إلى التفكير في الهجرة، تحديداً الشباب والحاصلين على قدر جيد من التعليم. إجمالاً، يقول الثلثان إن الاقتصاد هو أهم تحدٍ يواجه لبنان عام 2018”.
وأضافت: “هناك قلة (14 في المئة) تصنّف الاقتصاد بشكل إيجابي، وإن كانت هذه النسبة قد زادت مقارنة بعام 2016 (5+ نقاط). اللافت أن عدد الأقل تعليماً ممن يرون أن الوضع الاقتصادي جيد، هو ضعفَيْ عدد من يؤيدون هذا الرأي من أصحاب التعليم الجامعي. وما زال التفاؤل إزاء الاقتصاد متدنياً، إذ يقول 1 من كل 10 إن الاقتصاد سيتحسن في غضون الأعوام الثلاثة المقبلة”.
وبخصوص الفساد، فإن ما كشفته دراسة “البارومتر العربي” لا يقل سوءاً، إذ “يقول 91 في المئة إنه يؤثر على مؤسسات الدولة إلى درجة كبيرة أو متوسطة (..) 27 في المئة فقط يقولون إن الحكومة تعمل على القضاء على الفساد، وإن كانت هذه النسبة تزيد 18 نقطة عن نسبة عام 2012″.
وتعتقد الغالبية أنه من الضروري دفع رشوة للحصول على خدمات تعليم أو خدمات رعاية صحية أفضل. علماً أن الشباب هم الأكثر اعتقادًا بضرورة دفع رشوة للحصول على خدمات أفضل”.
يمكنكم قراءة المقال من خلال الرابط.