جرائم الشرف… قتل على مقصلة الشك تحت مظلة القانون

تفشت الظاهرة في بعض البلدان العربية والقبول المجتمعي وقدم التشريعات ينذران بتفاقمها

بينما تغيب الأرقام والإحصاءات الرسمية لجرائم الشرف في المجتمع العربي، فإن صدى الظاهرة أصبح مسموعاً لدى الجميع حكومات وشعوباً، بعدما انتشرت أخبار القتل التي تكشف في النهاية عن وجه قبيح لجرائم تُرتكب تحت “دعوى الشرف”، فخيط الجريمة الذي يبدأ بـ”الشك” وينتهي إلى قتل نفس بريئة في الغالب، يظل ممدوداً دونما معاقبة قانونية حاسمة لمرتكبيها، في وقت تمتلئ المحاكم بقضايا تنتظر البت منذ أعوام، وفي الغالب يستخدم القانون ذريعة للهرب من العقاب، بالتفنّن في استغلال ثغراته.

وفي وقت يأتي رأي الدين حاكماً للأمر ولا لبس فيه من حيث الإقرار أو الشهود، فإن الغالبية العظمى من الرجال يتسرّب إليها الشك الذي لا بيّنة عليه في زمن التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي، ليرتكب جريمته ضد المرأة، التي تتحمل مسؤوليتها بمفردها، بهدف غسل عار العائلة، لكنه غسل بدماء بريئة، بعدما تقادمت القوانين وتغلغلت العادات والتقاليد.

“اندبندنت عربية” طافت مجموعة من البلدان العربية، التي تنتشر فيها جرائم الشرف، لتتعرف عن قرب عن كيف يستقبل المجتمع تلك الحوادث، وما العراقيل القانونية التي تواجه كبح الظاهرة، وما نداءات المجتمع العربي التي لم تلبَّ إلى الآن في بعض الدول؟

قبول مجتمعي

البداية من مصر، فعناوين الأخبار التي تبدأ بـ”شك في سلوكها” نهر لا ينضب، وعلى الرغم من التفاصيل التي يشيب لها الولدان في كل حادثة معنونة بـ”جرائم الشرف” حيناً أو “غسل العار” أحياناً، فإن غالبيتها تمرّ مرور الكرام. فهي لا تؤجج الرأي العام، أو تستدعي انتباه الأقلام والعقول إلا في ما ندر.

وندرة التناول النقدي لما يسمّى بـ”جرائم الشرف” التي ترتكز على أن ذكراً من ذكور العائلة شكّ في سلوك أنثى من إناثها فخنقها أو ذبحها، أو أطلق عليها الرصاص أو دفنها حية أو حبسها حتى ماتت، تقول الكثير عن قبول مجتمعي، أو ربما تفهّم اجتماعي لـ”اضطرار” رجل إلى قتل أنثى دفاعاً عن شرف شكّ أنه مهدر، أو عار يعتقد أنه ارتكب.

لكن ارتكاب رجل جريمة بشعة قبل عام حرّك بعضاً من المياه الراكدة والمعتقدات الجامدة بأن الشرف الذي لا تحمله سوى المرأة في المجتمع المصري ربما يحتاج إلى إعادة نظر. فقد أقبل زوج على قتل زوجته والأبناء الأربعة بعدما انتابه “إحساس” أنهم ربما “ليسوا أبناءه”. فداحة الجريمة صدمت ملايين المصريين، لكن في الوقت ذاته، “تفهّم” كثيرون أن يشكّ رجل في سلوك زوجته، وهو ما يفقده صوابه.

ويبدو أن صواب فئات المجتمع وقطاعاته كلها يتطلب بحثاً وتدقيقاً وتفنيداً. فقبل أشهر، حكمت محكمة مصرية على أم قتلت ابنتها غير المتزوجة بعدما أجهضتها، بالسجن سنة مع وقف النفاذ ثلاث سنوات! واستندت المحكمة في قرارها إلى المادة 55 من قانون العقوبات، التي تجيز لها عند الحكم في جناية أو جنحة أن تأمر في الحكم ذاته بإيقاف تنفيذ العقوبة، إذا رأت من أخلاق المحكوم عليه أو ماضيه أو سنه أو الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون.

قانون رحب

وينص القانون المصري كذلك في مادته 237 من قانون العقوبات على أن من فاجأ زوجته حال تلبّسها بالزنا وقتلها في الحال ومن يزني بها فإنه يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة في المادتين 234 و236، إذ يستفيد الزوج من التخفيف في عقوبة قتل الزوجة!

ويمتدّ صدر القانون الرحب ليشمل كذلك التفريق بين الرجل والمرأة في شروط تحقق واقعة الزنا، فالمرأة المتزوجة تعاقب على فعل الزنا بغض النظر عن مكان وقوعه، سواء كان في منزل الزوجية أو خارجه، عكس الرجل الذي إن زنا خارج منزل الزوجية، فلا يعدّ ذلك جريمة، وإن كان خارج منزل الزوجية مع امرأة غير متزوجة، فلا يعدّ الفعل زنا من الأصل، ويضاف إلى ذلك أن عقوبة الزنا للرجل في حال ثبوتها تكون ستة أشهر، بينما تسجن المرأة لمدة لا تزيد على سنتين…

يمكن قراءة المقال الكامل على موقع Independent عربية