الاستهلاك الإعلامي الرقمي في الأزمنة المضطربة

أثّر وباء فيروس كورونا على الاقتصادات والأرزاق وغيّر أنماط الاستهلاك للعديد من المنتجات والخدمات في العالم أجمع، ومن ضمنها الإعلام الرقمي. لم تسلم البلدان العربية من هذه الآثار، إنما يمكن القول بأن انتشار الوباء سرع من عملية التحول في استهلاك الإعلام الرقمي التي كانت قيد النشأة في البلدان العربية. فقد شهد العالم العربي ازدياد متدرج في استخدام الإنترنت وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة للازدياد في الاعتماد على هذه المواقع كمصدر للحصول على الأخبار المستجدة.

وفقاً لبيانات الدورة السادسة للباروميتر العربي – الاستطلاع الأول، تستخدم أغلبية ساحقة من المواطنين في البلاد المستطلعة الإنترنت بشكل يومي. في لبنان والأردن يقول حوالي 9 من كل 10 مواطنين أنهم يستهلكون الإنترنت بشكل يومي، فيما يقول حوالي 3 من كل 4 جزائريين أنهم يستهلكون الإنترنت بهذا المقدار، فيما يقول حوالي 2 من كل 3 مغاربة وتونسيين أنهم يستهلكون الإنترنت على الأقل مرة في اليوم.

الفجوات الأكبر ما بين الفئات الاجتماعية المختلفة هي (وكما كان متوقعاً) ما بين الشباب والفئات الأكبر عمراً. من الدول المستطلعة، كانت الفجوة الأكبر في تونس، حيث يقول 91 بالمئة من الذين أعمارهم ما بين 18-29 أنهم يستخدمون الإنترنت بشكل يومي، بينما يقول 51 بالمئة فقط من الذين أعمارهم 30 فما فوق أنهم يستخدمون الإنترنت بنفس الوتيرة.

كما وهنالك فجوات كبيرة في استخدام الإنترنت ما بين الذين يحوزون على تعليم جامعي وأقرانهم من ذوي التعليم الثانوي فما دون. في هذا المجال، كانت الفجوة الأكبر في المغرب، حيث يقول 91 بالمئة من ذوي التعليم الجامعي إنهم يستخدمون الإنترنت بشكل يومي، بينما يقول 56 بالمئة فقط من ذوي التعليم الثانوي فما دون أنهم يستخدمون الانترنت بنفس المعدل.

في نفس الوقت، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي مصدر رئيسي للعديد من المواطنين العرب فيما يخص الحصول على الأخبار العاجلة. وفقاً لبيانات الدورة السادسة للباروميتر العربي – الاستطلاع الأول، يتقدم الأردن في هذا المجال حيث يقول 52 بالمئة من الأردنيين أنهم يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للحصول على الأخبار العاجلة. يتبع الأردن لبنان والجزائر، حيث يقول 43 بالمئة من المستجوبين في البلديْن أنهم يعتمدون على تلك المواقع كمصدر الأخبار الرئيسي، بينما يقول 36 بالمئة من كل من التونسيين والمغاربة أنهم يعتمدون على تلك المواقع كمصدر للأخبار. إذاً يعتمد ما بين ثلث ونصف المواطنين في هذه البلدان على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار العاجلة.

كما في حال استخدام الإنترنت، الفجوات الأكبر هي ما بين الشباب والفئات الأكبر عمراً. من الدول المستطلعة، كانت الفجوة الأكبر في الجزائر، حيث يقول 71 بالمئة من الذين أعمارهم ما بين 18-29 أنهم يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للحصول على الأخبار العاجلة مقارنة ب34 بالمئة فقط من الذين أعمارهم 30 فما فوق.

أيضاً كما في حال استخدام الانترنت هنالك فجوات كبيرة في الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار العاجلة ما بين الذين يحوزون على تعليم جامعي وأقرانهم من ذوي التعليم الثانوي فما دون. في هذا المجال، كانت الفجوة الأكبر مجدداً في المغرب، حيث يقول 60 بالمئة من ذوي التعليم الجامعي إنهم يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للحصول على الأخبار العاجلة، مقارنة ب27 بالمئة فقط من ذوي التعليم الثانوي فما دون.

بصورة سطحية، تدل البيانات على تطور الفجوة الرقمية على صعيد المنطقة. فيما يبدو أنها تتقلص بمعايير مطلقة، تصبح الفجوة أقل ارتباطاً بانعدام المساواة على صعيد الدخل أو النوع الاجتماعي وأكثر ارتباطاً بالعمر ومستوى التعليم (الذي بدوره يتقاطع مع مستوى الدخل / الطبقة الاجتماعية).