عن إجراء الاستطلاعات في زمن الكورونا: مقابلة مع مايكل روبنز

يعتبر توصيل أصوات المواطنين العرب في صدارة اهتماماتنا في الباروميتر العربي. وأثناء فترات القلق وانعدام الوضوح، يصبح الاستماع لاحتياجات وبواعث قلق الناس العاديين مسألة في غاية الأهمية. من ثم، أتمّت الشبكة البحثية للباروميتر العربي مؤخراً استطلاعاً فريداً من نوعه، يسعى إلى فهم مشاعر الجماهير العربية في خضم أزمة انتشار جائحة كوفيد-19. لكن إجراء استطلاع رأي عام أثناء هذه الأزمة الصحية العالمية جاء مصحوباً بتحديات خاصة.

لقد تحدثت مع دكتور مايكل روبنز، مدير الباروميتر العربي، لمعرفة كيف واجه الفريق البحثي المشكلات المرتبطة بكوفيد-19، وكيف تكيّف مع الواقع الجديد لعملية إجراء الاستطلاعات في زمن انتشار الكورونا.

أسيل العلائلي: لماذا قرر الباروميتر العربي تعليق العمل الميداني المتصل بإجراء مقابلات الاستطلاع مع الناس، والتي كانت مقررة في صيف 2020؟ هل ستستأنفون المقابلات الشخصية الخاصة بالاستطلاع في المستقبل؟

مايكل روبنز: مع انتشار جائحة كوفيد-19، علّق الباروميتر العربي تنفيذ المقابلات الشخصية الخاصة بالاستطلاع، لحماية صحة وسلامة الباحثين الميدانيين والمبحوثين على السواء. وعندما يصبح الأمر آمناً دون خطر لا داعي له يهدد الباحثين والمبحوثين، نعتزم استئناف المقابلات الشخصية الخاصة بالاستطلاع.

العلائلي: لماذا قرر الباروميتر العربي إجراء الاستطلاع عبر المقابلات الهاتفية بدلاً من المقابلات وجهاً لوجه؟

روبنز: قرر الباروميتر العربي إجراء استطلاع هاتفي، كثاني أفضل اختيار متاح، بعد إجراء الاستطلاع في مقابلات شخصية وجهاً لوجه، مع انتشار جائحة كوفيد-19. نسقنا مع الشركاء الإقليميين لضمان إمكانية عمل المقابلات الهاتفية في بيئة آمنة وبشكل يراعي الحفاظ على الصحة، في ست دول. ولطالما كانت المقابلات الهاتفية تُستخدم في العديد من الدول، ويمكن تنفيذها مقترنة بنهج اختيار العينة العشوائية الاحتمالية، حيث لكل مبحوث احتمالية اختيار معروفة ومحسوبة. إذن، وفي غياب القدرة على إجراء المقابلات وجهاً لوجه، تبقى المقابلات الهاتفية هي البديل الأفضل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

العلائلي: هل ترون نتائج الاستطلاع عبر المقابلات الهاتفية خاصتكم دقيقة وممثلة للدول المشمولة بالاستطلاع؟ لا سيما نظراً لأن بعض المواطنين قد لا تكون لديهم هواتف أو قدرة على استخدام التكنولوجيا الحديثة؟

روبنز: كل طريقة من طرق إجراء الاستطلاع تسعى إلى قياس توجهات الرأي العام بشكل دقيق، لكن لكل طريقة مزاياها وعيوبها. مع انتشار الهواتف النقالة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أصبحت هناك بعض المزايا للاستطلاعات الهاتفية. في أغلب دول المنطقة، يملك 90% من الناس هواتف نقالة، وهواتفهم معهم في كافة الأوقات تقريباً، ما يعني أنهم يمكن الوصول إليهم في كل الأوقات تقريباً. العيب الرئيسي للاستطلاع الهاتفي هو أن معدلات الرد والاستجابة تكون أقل، ويجب أن يكون الاستبيان أقصر، إذ يفقد المبحوثون الاهتمام بعمل الاستطلاع على الهاتف إذا استمر لفترة طويلة. كما أن المبحوثين الأكبر سناً أقل إقبالاً على حيازة هواتف نقالة، ما يعني أنهم غير ممثلين بالقدر الكافي في العينة. لكن مع قيود التباعد الاجتماعي القائمة، يبقى الاستطلاع الهاتفي هو البديل الأفضل للاستطلاع عبر المقابلة الشخصية، ونحن نعمل على تحسين فهم كيفية تأثير هذه العوامل على الاستطلاعات في المنطقة، بحيث يمكننا تنفيذ أفضل تصميم ممكن للاستطلاع، مع استمرار مشروعنا البحثي في المستقبل.

العلائلي: اشرح لنا كيف يمكن لاستطلاع رأي ألف شخص عبر الهاتف أن يكون ممثلاً للرأي العام في دولة؟

روبنز: نظراً للأساس العلمي للعينة، فمن الممكن التعميم من النتائج واعتبار أنها تسري على عموم السكان في الدولة، رغم صغر حجم العينة. كل مبحوث كانت فرصة اختياره مساوية لغيره من الأشخاص تقريباً، وهو الأمر الذي يمكن استخدامه للتيقن من جمع الآراء المعبرة عن الجمهور الأشمل. بالطبع لأننا لا نقابل كل الناس في الدولة، فمن الممكن ألا تعكس نتائج الاستطلاع بدقة تامة كل الآراء الخاصة بكافة الناس. ولحساب هذه الاحتمالية، نقدم هامش خطأ، ويتمثل في احتمالية 95% أن تكون المعلومات المذكورة حقيقية. أي أننا إذا نفذنا 20 استطلاعاً باستخدام نفس المنهجية والأسئلة، ففي 19 حالة منها سيكون الرأي المُقدم في الاستطلاعات معبراً عن الرأي العام الحقيقي.

العلائلي: هل بيانات استطلاع الباروميتر العربي بالهاتف قابلة للمقارنة ببيانات المقابلات الشخصية التي كانت تتوفر فيما سبق؟

روبنز: يمكن مقارنة البيانات، لكن يجب عمل هذا مع توخي الحذر. لأن طريقة إجراء الاستطلاع مختلفة، فهناك تحيزات محتملة مختلفة قد تؤثر على نتائج الاستطلاعات التي تتم عبر الهاتف مقارنة بتلك التي قد تظهر في حالة الاستطلاعات الشخصية. يشمل هذا اختلافات في نوعيات المبحوثين الذين يوافقون على إجراء مقابلات أو تحيزات صغيرة وغير واضحة في كيفية رد الناس على الهاتف مقارنة بالرد على الأسئلة في المقابلة الشخصية. هذه المشكلة، التي تسمى “أثر طريقة إجراء الاستطلاع” لا تقتصر على الاستطلاعات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنما تسري على كافة الاستطلاعات في السياقات كلها. يسعى الباروميتر العربي إلى تقليل هذه التحيزات لأقصى حد ممكن، بما يشمل من خلال الترجيح. لكن، نحذر من عمل مقارنات مباشرة مع البيانات التي تم جمعها في الاستطلاعات عبر اللقاءات وجهاً لوجه، خاصة إذا لم يكن هناك اعتراف صريح بوجود هذه الفوارق المذكورة.

العلائلي: كيف يمكن أن تساعد بيانات الرأي العام في الوصول إلى حلول أو تسليط الضوء على قضايا مهمة تهم المواطن العادي في المنطقة، لا سيما أثناء انتشار جائحة كوفيد-19؟

روبنز: هناك عنصر أساسي في التعامل مع أية مشكلة، هو الفهم الأفضل لاحتياجات وشواغل المواطن العادي. استطلاعنا مُصمم لتحقيق هذا الفهم، بما يسمح للحكومات والهيئات الدولية في المنطقة بأن تفهم بشكل أفضل مشاكل وشواغل المواطنين. يشمل هذا كيف يمكن أن يتأثر الأشخاص الأفقر بشكل غير متناسب، ومن يعيشون بمناطق معينة من الدولة – فضلاً عن خصائص أخرى غير المذكورة. يمكن للنتائج إذن أن تكون بمثابة أداة للمساعدة في تطوير الحلول لهذه التحديات القائمة.

إبحثوا عن #نبض_العرب لمعرفة المزيد.

لطلب إجراء مقابلة مع أحد الخبراء لدينا، يرجى التواصل مع أسيل العلائلي، عبر: aalayli@princeton.edu  +1(202)716-9068.